كون التحرش الجنسي "ظاهرة عالمية" منتشرةً في كل دول العالم يجعل البعض يهون من انتشاره في مصر وبالتالي الحملات التي تقام ضده.
لا يبعد بنا عن واقع مخيف ينبيء بالمزيد من التوتر والاحتقان داخل المجتمع.
الباحثة النفسية رضوى أسامة، تتذكر الحالات التي جلست معها بعد تعرضها لتحرش جنسي أفقدها كرامتها فتقول:
من أكثر الحالات التي أتذكرها فتاة مراهقة في الصف الأول الثانوي ومريضة بالقلب، عند ذهابها إلى الطبيب وأثناء الكشف عليها وبعد أن تركتها أمها في غرفة الكشف وحدها، تحرش الطبيب بها وحاول تقبيلها..
شعرت البنت بالخوف الشديد ولم تذكر الحادثة للأم خوفًا من العقاب واللوم، ورفضت بعد ذلك الذهاب للمتابعة مرة أخرى رغم سوء حالتها الصحية.
ثم عممت هذه الفكرة على كل الأطباء ولم توافق على الذهاب إلى أي طبيب وانتابها شعور رهيب بالذنب وكان لديها تساؤل ملح: " لماذا أنا بالذات؟ "، وكانت إجابتها من وجهة نظرها:
" يبدو أنه قد بدر مني أي سلوك شجعه على محاولته "، وظلت البنت تعاني من الاكتئاب والإحساس بالذنب لسلوكها الوهمي الذي دفعه لاختيارها والعبث معها.
وتعلق الباحثة رضوى أسامة فتقول: موضوع التحرش الجنسي مربك ومثير للإحباط وأكثر ما يغيظني هو ردود أفعال المواطنين على البنت التي تحاول رد الاعتداء ومحاسبة الجاني..
إنها تجد النظرات الناقدة المتسائلة عن السبب الذي دفع الرجل للتحرش بها، بدلا من زجره وإيقافه عند حده!
وتضيف: أتذكر الآن ما حكته لي صديقة تعرضت ابنتها وهي معها لحادثة تحرش وإصرارها على ضرب الرجل وتسليمه للشرطة وسط ذهول الجميع وكلمات الترجي بالتسامح والشفقة والرحمة التي سمعتها من كل المحيطين، في حين لم تجد منهم الحماسة الكافية للضرب على يديه واستنكار ما بدا منه!
من العوامل الأخرى المؤثرة في التحرش نوع العلاقة بالمتحرش.. رأيت حالات كثيرة كان القائم بالتحرش من ذوي القرابة الأولى " المحارم " مما يؤثر بالسلب على الضحية ويصيبها بالكثير من الاضطرابات.
وفي محاضرة ألقيتها منذ أسابيع في إحدى المدارس الثانوية عن العلاقة بالجسم لدى المراهقات، تحدثت بعض البنات عن عدم تقبلها لشكل جسدها الذي بسببه تتعرض للكثير من الإهانات التي تخدش الحياء.
وعلى حد قولها " هو اللي جايب لي الأذى ". وهذه إحدى الأفكار السلبية المعوقة لمحاربة التحرش.
إن الفكرة السليمة التي ينبغي نشرها هي أن المتحرش منحرف لديه أفكار مغلوطة في ذهنه تجاه المرأة لا يخلصه منها إلا بإعادة تأهيله تربويًا ونفسيًا ودينيًا.
الكاتب: عبد الرحمن هاشم
المصدر: موقع المستشار